أهلًا وسهلًا بحضراتكم..
إحساسك إيه لمّا يكون منتجك رقم 1 في السّوق، ومكاسبك الكبيرة بتخليك تشتري المنتج رقم 2 في السوق كمان، وفجأة يظهر منتج جديد يهددك بالإفلاس بحركة بسيطة وعبقرية؟ توفير 2 جم بلاستيك!
الحدّوتة دي هتعلمنا إزاي منتغرش بقوتنا، وإن حتى لو رقم واحد في السوق، ممكن يجي منافس من بعيد أوي، وبحركة بسيطة جدًا يسحقني تمامًا. وده اللي حصل أو اللي كان هيحصل مع شركة «نستلة» العالمية.
قصة «نستلة» و«بركة»:
مياه «نستلة» كانت رقم واحد في مصر، ولكن لقت إن رقم 2 في السوق، اللي هو «بركة»، عامل لها قلق، فقامت «نستلة» واشترت «بركة» كمان. وده يعتبر جزء من استراتيجية شراء المنافس، زي ما «أوبر» اشترت «كريم» أو «فيسبوك» اشترى «إنستجرام» و«واتساب».
فجأة صديق قديم كان بيشتغل في «نستلة» بيقولي إن الشركة بتقع! استغربت وسألته: «إزاي؟ ده أنتم لسه شاريين تاني أكبر شركة مياه في مصر!» فقالي: «أصل دساني، المياه التابعة لشركة كوكاكولا، عملت حركة بسيطة جدًا وهي العُنق القصير (short neck)».
إيه هو العُنق القصير؟
العُنق القصير ببساطة هو تقليل حجم العُنق في زجاجة المياه البلاستيكية، وهو اللي بتاخده على شفايفك لما تفتح الغطاء. كوكاكولا وفرت 1 جم بلاستيك من العُنق، و1 جم كمان من الغطاء.
هل توفير 2 جم بلاستيك ممكن يهدد أكبر شركة في مصر؟
آه، لأن «دساني» كانت بتنتج مليون زجاجة يوميًا، والتوفير البسيط ده بيوفر 2 طن بلاستيك يوميًا. يعني في السنة الواحدة 730 طن! وسعر الطن كان 1700 دولار وقتها. يعني «دساني» وفرت ما بين 100 و200 مليون جنيه سنويًا.
أثر الفكرة العبقرية على السوق
الحركة البسيطة دي مش بس وفرت لـ«دساني» فلوس، لكن كمان الشركة استخدمت التوفير ده لتقديم بوانص للتجار. يعني كرتونة مياه مجانية مع كل كرتونة مشتراة. التجار بالطبع فضلوا التعامل مع «دساني» بسبب العرض، وده عمل ضغط على «نستلة» و«بركة».
الحل الوحيد قدام «نستلة»؟
أنا قولتلهم إن الحل مش في التسويق، بل في التشغيل. لازم يعملوا زي «دساني» ويقللوا التكلفة عن طريق العُنق القصير، رغم إنهم كانوا لسه مغيرين خطوط الإنتاج الجديدة اللي بتنتج 72 ألف زجاجة في الساعة بدلًا من 36 ألف.
الابتكار أو التقليد
لو تقدر تبتكر زي «دساني» يبقى رائع، ولو مش قادر، لازم تقلد زي ما «نستلة» عملت. وبعد فترة «نستلة» كمان بدأت تقلل التكلفة أكتر عن طريق إزالة البلاستيكة اللي على الغطاء وبدل ما يحطوا المياه في كراتين، استخدموا شرينك بلاستيك.
الخلاصة
الحدّوتة دي بتعلمنا إن أي توفير ولو بسيط في التكلفة ليه انعكاس كبير جدًا على أدائك ومبيعاتك قدام المنافسين.