حدّوتة عن التّنافس مع المضاد الحيوي الأشهر «أوجمنتين»
أهلًا وسهلًا بحضراتكم…
كلّنا عارفين أشهر مضاد حيوي كلّنا أخدناه تقريبًا في كلّ الدول العربية… «أوجمنتين».
لكن فيه حاجة غريبة: النّاس مبتشتريش دايمًا المُنتج الأفضل، النّاس بتشتري المُنتج الأنسب ليهم.
من فترة، كلّمتني شركة عندها مُنتج المادّة الفعّالة فيه هي سيفالكسين، وكانت بتحاول تنافس «أوجمنتين» في الاستخدام الأشهر ليه وهو **التهاب اللوز**.
– «أوجمنتين» بيتاخد 3 مرات في اليوم، أمّا المُنتج ده بيتاخد مرتين بس.
– «أوجمنتين» كان بـ 100 ريال، والمُنتج الجديد بـ 36 ريال.
– نسبة فعالية «أوجمنتين» 93%، أما المُنتج الجديد فعاليته 98%.
بكلّ المقاييس، المفروض المُنتج ده يكتسح السوق!
وفعلًا، لما نزل حقّق مبيعات كويسة جدًا في البداية، لكن فجأة المبيعات ثبتت عند مستوى معين، مبتزيدش عنه.
ليه حصل كده؟
البروشور بتاعهم كان رائع جدًا، من المرّات القليلة اللي فكّرت فيها إنّي أعتذر عن تقديم استشارة لأنّهم عاملين كل حاجة ممتازة.
قولتلهم إدّوني أسبوع علشان أفكر.
المشكلة كانت واضحة:
الناس يا جماعة مرتبطة عاطفيًا بـ «أوجمنتين»، الدّكاترة اتربّوا عليه وبيكتبوه من أيام ما كانوا في الامتياز. فيه ارتباط عاطفي، والعملاء نوعين:
– النوع العقلاني اللي بيقرأ البروشور ويقتنع بالمعلومات اللي فيه ويكتب الدّوا الجديد.
– النوع العاطفي: وده بيُمثّل 90% من البشر، اللي ارتبطوا بـ «أوجمنتين» عاطفيًا، وبيكتبوه من غير تفكير.
الحل؟
فقررنا نتبع سياسة جديدة، وعملت بروشور مختلف تمامًا عن المعتاد في مجال الأدوية.
البروشور كان له تصميم غريب:
الصفحة الأولى، ربعها العلوي متني على ورا، والدّكتور مش شايفه.
الثلاث أرباع الظاهرين في الصفحة كان عليهم صورة مضرب ذباب وقنبلة يدوية!
لما يروح مندوب الشّركة للدكتور، كان يسأله:
يا فندم، مين الأقوى؟ مضرب الذباب ولا القنبلة اليدوية؟
طبعًا الدكتور هيقول: القنبلة اليدوية!
يقلب الصفحة، يظهر قدّامه صورة دبانة (ذبابة).
المندوب يسأل الدكتور: طب لو عندك دبانة، هتقتلها بالقنبلة اليدوية ولا بالمضرب؟ طبعًا بالمضرب!
وشكرًا يا فندم…
الرسالة كانت بسيطة جدًا:
إحنا مش بنقارن نفسنا مع «أوجمنتين»، الدّوا الرّائع والعظيم ده، لكن التهاب اللوز ده زي دبانة صغيرة، بيجيلنا 8 أو 9 مرات في السنة وبيعدّي بسهولة.
كل اللي بنطلبه من حضرتك إنك لما يجيلك حالة التهاب اللوز، تكتب المُنتج الغلبان بتاعنا.
وخلي «أوجمنتين» الرائع للحالات اللي تستاهل.
النتيجة؟
نسبة النمو زادت بحوالي 300% في أول شهر!
الخلاصة
أصدقائي، لازم نعرف إن البشر مش دايمًا بيفكروا بالمنطق والعقل، جزء كبير من قراراتهم بيعتمد على النّاحية العاطفية.
لو كان الشخص العقلاني بيقتنع بالأرقام والدراسات، فالشخص العاطفي بيقتنع بالقصص والتشبيهات.
وتوتة توتة خلصت الحدّوتة.