fbpx

تسويق القيم

**الجيل الثالث من التسويق**

أهلًا وسهلًا بحضراتكم..

أصدقائي الأعزّاء، كلّما ازددت علمًا ازددت جهلًا؛ هتعرف إن في حاجات كتيرة جدًا في بحر العلم صعب إنّك تدركها كلّما ازددت علمًا.

بطل حدّوتتنا النّهار ده يا أصدقائي هو الجيل الثالث من التسويق. في الجيل الأوّل من التسويق كان التسويق القديم -اللي بدأ منذ القرن العشرين- وده مرّ بتلات مراحل:

1. كانوا مركّزين أوي على المُنتج وميزاته وجودته، فلقوا إن هم بيزودوا جودة المُنتج؛ لدرجة بتتجاوز احتياجات العملاء، وبالتّالي سعره بيعلى. طب نقلل سعره إزاي؟

2. فبقى الاهتمام بالإنتاج، كلّ ما أنتجت وحدات أكبر التّكلفة الثّابتة -الرواتب والإيجارات- هتتوزع على هذه الوحدات، فسعر الوحدة يقلّ. جميل! لقوا إن الوحدات الكتيرة دي السوق ما كنش طالبها؛ فيسيبوها في المخازن، والسعر برده يزيد! ومن هنا قالوا: لازم نصرف البضاعة من المخزن لمنافذ التّوزيع.

3. ففوجئوا إن البضاعة بترجع لهم منتهية الصلاحية. التلات مراحل دول بيسمّوهم: مدارس التسويق، ونقدر نعتبرهم التسويق القديم أو الجيل الأوّل.

**الجيل الثاني من التسويق الحديث:**

قال لك: لو عايز البضاعة ما ترجعليش من منافذ البيع منتهية الصلاحية؛ يبقى لازم أضمن أن النّاس تشتريها، أمتى النّاس تشتريها؟ لو محتاجاها، وأعرف منين إن هما محتاجين إيه؟ بأبحاث التسويق. إذًا التسويق الحديث اعتمد في الأساس على أبحاث التسويق (اللي بقى اسمها نظام المعلومات التسويقية).

**أما الجيل الثالث من التسويق؛ فهو ما يعرف بـ:**

تسويق القيم (سوسايتال ماركتنج أوريينتد) أو التجزئة النفسية على أساس القيم. يعني إيه يا جماعة الكلام ده؟ الشركات لقت إن هي بتصرف ملايين على الإعلانات التلفزيونية؛ علشان تطلّع حاجة النّاس تفتكرها؛ زي مثلًا شوكولاتة «فريسكا» لمّا طلَّعت قردة -اسمها “زيزي” وبترقص -وهو بيقول: ولا أيّ اندهاشة. بس لمّا شاف «فريسكا» جاله ذهول!! راحت عليكي يا “زيزي”، «فريسكا» اندهِش. صحيح النّاس بتضحك، بس بتنسى.

أو لاقوا نفسهم بيصرفوا ملايين أكتر؛ علشان يجيبوا نجم كبير يعمل الإعلان. فتيجي تسأل حد: هي “غادة عادل” عملت إعلان «آريال» ولا منافسة «برسيل»؟ ما يفتكروش.

فظهرت هنا الحاجة، إن الفلوس اللي بتتصرف دي، تتصرف على حاجة تدوم في أذهان النّاس. وما فيش حاجة يا أصدقائي تدوم أكثر من القيم، القيم اللي المجتمع محتاجها؛ بحاول إني أزرعها، فسمعتي تعلى، النّاس تحبني؛ وعمرها ما تنساني، وكمان هجذب النّاس اللي بيحبوا هذه القيمة.

هذه الإعلانات يا أصدقائي تألّقت في الوطن العربي -وفي مصر خاصةً- بعد ثورات الربيع العربي وثورة خمسة وعشرين يناير. لمّا شفنا كيف انبهر العالم كلّه بره مصر -قبل النّاس اللي جوه مصر- بثورة الشباب اللي كان عايز حرية التعبير عن الرأي، وإزاي اتوحدوا؟ وإزاي كانوا بيشكّلوا مجموعات لحراسة البيوت وتنظيم المرور وينضفوا الشوارع بعد المظاهرات. وده اللي ألهم شركات عظمى إن هي تقتنص هذه الفرصة وتشتغل عليها.

فلقينا «موبينيل». – طلعت أوّل رمضان وقالت: عشان لازم نكون مع بعض عشان شايلانا نفس الأرض، عشان بكرا اللي مستني ومش عايز يفرق حدّ. قيمة الوحدة الوطنية -وهي متسقة مع شعار «موبينيل» كشبكة تليفون: دايمًا مع بعض.

– رمضان اللي بعده قالت: وبحتاج لك وتحتاجلي، ما بيننا ألف حلقة وصل، وبشبِهلك وتشبهلي، في حبّ الخير وطيبة الأصل. (طبعًا بعد كده، وبعد ما القيم دي راحت… وما بقاش حدّ مهتم بيها، وانطلق عصر المهرجانات الغنائية، «موبينيل» اتباعت لــ «أورانج»، وغيّرت سياستها الدعائية إلى إعلان “سيد أبو حفيظة”: عروض للرُكَب، اشحن يلا، رُكبَك يلا).

لحقتها «فودافون» -بس في وقت متأخّر شويّة سنة في 2013م- وجابوا الزعيم “عادل إمام” علشان يقول: قوتنا مش إننا رقم واحد … قوتنا جوه كلّ واحد. ولم يفت الأمر على شركة «بيبسي» العالمية، فراحت مطلّعة إعلان “عبّر مين قدك”؟ عبر مين قدك؟ لأن الثّورات دي طلعت لحريّة التعبير. مش لازم أتأخر عن المنافس. وعشان كده «كوكاكولا» جريت وقالت لو: جنان إنّك تساعد حدّ متعرفهوش، أتجنن. طالما كانوا الشباب بيساعدوا غيرهم ويحموا ويحرسوا وينظموا المرور.

«شيبسي» كمان جابت “محمود العسيلي” المطرب -لو تفتكروا أغنيته- (مش حشرية، دي ناس بسيطة وعِشَرِيَة، ومين فينا مبيحبش اللّمة مع اللّمة دي الحياة تحلى).

ومن أشهر وأحدث الإعلانات في رمضان اللي فات اللي اتعملت على تسويق القيم: إعلانات «بنك مصر» لمّا النّاس حسّت بالهزيمة أو بصعوبة الحياة. فطلع إعلان “أنا ابن مصر، أنا ضدّ الكسر، أنا رافع راسي تملّي لفوق طول العمر”.

يا أصدقائي الأعزّاء مهم جدًا إن إحنا نغيّر نفسنا ونتماشى مع التوجهات الجديدة في عالم التسويق والإعلان، وده اللي بيفرض علينا إن إحنا طول الوقت نبقى بنقرأ وبنتعلم حاجات جديدة، فلا توجد نهاية مطاف فيما يتعلق بالعلم والنظريات والممارسات الحديثة.

وتوتة توتة خلصت الحدّوتة.

Scroll to Top